سيمفونية الطهي فوق السحاب: مقابلة حصرية مع الشيف يانيس سكارد، الشيف التنفيذي لمطعم أتموسفير، برج خليفة

في قمة برج خليفة، الأعلى في العالم، حيث تتراقص السحب على زجاج النوافذ وتستعرض دبي أفقها الساحر من بعيد، يقع مطعم أتموسفير، ليس فقط كأعلى مطعم على وجه الأرض، بل كوجهة فاخرة تجتمع فيها الفنون البصرية والطهي في تجربة استثنائية. خلف هذه الأطباق التي تروي قصصًا وتسافر بالحواس، يقف الشيف التنفيذي يانيس سكارد، الذي جعل من كل طبق سيمفونية فنية لا تُنسى.

في هذه المقابلة الحصرية مع “أنا سلوى”، يأخذنا الشيف سكارد إلى عالمه، حيث يُواجه تحديات غير تقليدية في الطهي على هذا الارتفاع الهائل، مما يزيد من شغفه لإبداع أطباق تفوق التوقعات. بأسلوبه الفرنسي المميز، والتزامه العميق بالاستدامة، وبعينه التي ترى المستقبل، يدعونا الشيف سكارد لاستكشاف كيف يتجاوز أتموسفير حدود المطاعم التقليدية، ليس فقط بفضل موقعه، بل من خلال ابتكاره المتجدد في فن الطهي.

1. الرؤية الطهوية: شيف سكارد، ما هي الفلسفات التي تلهم إبداعاتك الطهوية وكيف تترجم هذه الأفكار في أطباقك في أتموسفير؟

الشيف يانيس سكارد: تستند فلسفتي في الطهي إلى التقاليد، لكنها تتطور باستمرار من خلال الابتكار. أؤمن أن كل طبق يجب أن يستحضر الحنين ويأخذ الحواس في رحلة من الدهشة. نشأت في قلب المطبخ الفرنسي، حيث تعلمت أن الطعام هو فن يحتاج إلى إتقان. هنا في أتموسفير، أركز على الدقة، على تحقيق توازن وعمق وانسجام في كل طبق. فالمكونات بالنسبة لي كأنها نوتات موسيقية، تتكامل معًا لتشكيل سيمفونية فريدة.

تعتبر الصلصات العنصر الأهم في كل طبق؛ فهي تحمل القصة بأكملها. صلصة معدة بعناية يمكن أن ترفع من قيمة أبسط المكونات إلى مستوى عالٍ من الفخامة. هدفي دائمًا أن يقدم كل طبق تجربة تنقل الضيوف إلى عالم من الإبداع والابتكار، وأن يكون انعكاسًا لماضيّ ورحلاتي واحترامي العميق للمكونات. كل هذا على ارتفاع 442 مترًا، يجعل التجربة أعمق وأقوى.

2. تحديات الارتفاع: العمل في أعلى مطعم في العالم يتطلب تكيّفًا خاصًا. كيف أثرت بيئة العمل هذه على نهجك في الطهي؟

الشيف يانيس سكارد: الطهي على هذا الارتفاع هو تجربة فريدة من نوعها. الهواء هنا أرق، مما يؤثر على طرق الطهي وحفظ المكونات. البيئة هنا تجبرك على التفكير بشكل مختلف وإعادة صياغة أساسيات الطهي. ومع ذلك، أعتبر هذا تحديًا يحفزني على الابتكار.

في هذا الارتفاع، البساطة غالبًا ما تكون هي الحل الأمثل. المكونات تُبرز نكهتها الطبيعية إذا تم التعامل معها بعناية ودقة. هذا التحدي يدفعني لأن أكون أكثر تركيزًا وتفانيًا في كل خطوة. الارتفاع يصبح جزءًا من القصة التي نقدمها في كل طبق، ليكون الطعام امتدادًا للمشهد الساحر من حولنا.

3. مصادر المكونات: ما أهمية مصادر المكونات بالنسبة لك؟ وكيف تدمج بين المنتجات المحلية والنكهات العالمية في قائمتك مع الحفاظ على التزامك بالاستدامة؟

الشيف يانيس سكارد: تأمين المكونات هو جانب أساسي من فلسفتي الطهوية. هدفي هو تقديم أطباق تكرّم الطبيعة المحلية وتعكس أيضًا جذور المطبخ الفرنسي. أعمل بشكل وثيق مع المزارعين المحليين لضمان الحصول على أفضل وأجود المكونات، مما يتيح لي دعم المجتمع من حولنا.

إضافة لذلك، يمثل أتموسفير روح دبي المتنوعة. دبي هي مدينة تنبض بتعدد الثقافات، وأحب أن أعكس هذا التنوع في الأطباق من خلال دمج النكهات العالمية. التقنية الفرنسية تشكل أساس المطبخ هنا، لكنها تتكامل مع ثراء المكونات المحلية. الاستدامة ليست مجرد توجه عصري؛ إنها التزام. باستخدام المكونات المحلية والتركيز على المنتجات الموسمية، نخلق قائمة طعام تجمع بين الإثارة والاحترام للطبيعة.

4. تجارب فريدة: كيف تضمن أن تكون تجربة الطهي في أتموسفير لا تُنسى، وكيف تجعل كل ضيف يشعر بالتميز وسط أفق دبي المدهش؟

الشيف يانيس سكارد: تجربة العشاء في أتموسفير تدور حول خلق لحظات استثنائية. ليس فقط في الطعام أو المنظر – بل في المزج بينهما. تكمن خصوصية التجربة هنا في كيفية مزج الفخامة بالتخصيص. من اللحظة التي يدخل فيها الضيف، نعمل على أن يشعر بأن هذه التجربة صُممت خصيصًا له.

قائمة الطعام تعكس التنوع الثقافي لدبي، لكن السحر يظهر في التفاصيل. سواء كانت مفاجأة تقدم بناءً على ذوق الضيف، أو تناغم النبيذ مع غروب الشمس، نسعى لأن تكون كل تجربة فريدة. الأفق قد يترك الضيوف منبهرين، لكننا نسعى لأن يكون الطعام والخدمة هما الذاكرة الأجمل التي تترك أثرًا في قلوبهم.

5. مستقبل الطهي الفاخر: ما هي التوجهات الطهوية المستقبلية التي تثير شغفك، وكيف ستؤثر على قائمة أطباقك في أتموسفير؟

الشيف يانيس سكارد: المستقبل في عالم الطهي الفاخر يحمل العديد من التوجهات المثيرة، أبرزها الاهتمام بالأطعمة الصحية والنباتية. لم يعد الطهي الفاخر فقط لتلبية الذوق؛ بل هو أيضًا عن تقديم أطباق تجمع بين الفخامة والتغذية. نحن في أتموسفير دائمًا نبحث عن طرق جديدة للابتكار، سواء من خلال دمج المكونات المحلية العضوية أو تطوير تقنيات طهو حديثة توازن بين التقاليد والعصر.

أعتقد أن الطهي الفاخر يجب أن يتطور، مع الحفاظ على جوهره. أحب أن أمزج بين الكلاسيكي والحديث – جسر بين التقنيات الفرنسية الأصيلة واللمسات العصرية. يعجبني أن تكون الاستدامة جزءًا لا يتجزأ من كل جانب من جوانب الطهي، من المكونات المستخدمة إلى تقليل الفاقد في المطبخ.

في المستقبل، أسعى لجعل أتموسفير مكانًا يجمع بين الفخامة والاستدامة والابتكار، ليقدم لضيوفنا تجربة استثنائية ترتقي بمعايير الطهي.

خاتمة:

إبداعات الشيف يانيس سكارد في أتموسفير ليست مجرد أطباق لتذوق الطعام؛ بل دعوة لاستكشاف الطعام كفن، حيث يعكس كل طبق انسجامًا بين الطبيعة والتقاليد والابتكار. على ارتفاع 442 مترًا فوق الأرض، يرتقي بتجربة الطهي إلى مستوى يتجاوز كل حدود، متناغمًا مع روعة أفق دبي.

أتموسفير ليس مجرد مطعم – إنه وجهة، وجهة تحت إشراف الشيف سكارد، حيث ترتقي النكهات بقدر جمال المشاهد المحيطة، لتكون تجربة الطهي هنا بقدر الإبهار الذي يشعر به كل زائر.