لماذا يعتبر التثاؤب معديا ؟؟
كم مرة حاولت أن تشاهد شخصاً يتثاءب دون أن تصيبك العدوى؟
وكم مرة أيضاً تساءلت ما هو سر الغريب لتلك العدوى التي تصيبك ما إن تشاهد أحداً أمامك يفتح فمه متثائباً وإن لم تكن تشعر بالتعب أو النعاس؟
يبدو أن الإجابة أتت أخيراً، فقد كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة نوتينغهام في بريطانيا أن منطقة في دماغنا مسؤولة عن الوظائف الحركية أو ما يعرف بالـ Motor Function هي الملامة.
كما كشفت الدراسة أن قدرتنا على مقاومة ردة الفعل حين يتثاءب أحد ما بجانبنا محدودة جداً، لأنها أشبه برد فعل “مكتسب” بالفطرة على ما يبدو. فقد أشارت تلك الدراسة إلى أن الميل البشري للتثاؤب بشكل معدٍ يتم “تلقائياً”، وذلك عن طريق ردود فعل بدائية موجودة أو مخزنة في القشرة الحركية الأولية – وهي منطقة في الدماغ مسؤولة عن Motor Function. أو الوظائف الحركية.
كما شددت على أن توقنا إلى التثاؤب يزداد كلما حاولنا كبحه. وأوضح الباحثون أن محاولة إيقاف التثاؤب قد تغير ربما من طريقتنا في التثاؤب، لكنها لن تغير ميلنا إلى فعل ذلك.
واستندت النتائج إلى تجربة أجريت على 36 شخصا بالغا، حيث عرض الباحثون على المتطوعين مشاهدة مقاطع فيديو تُظهر شخصا آخر يتثاءب، وطلبوا منهم مقاومة ذلك المشهد أو السماح لأنفسهم بالتثاؤب.
وفي نفس السياق، سجل الباحثون ردود فعل المتطوعين وتوقهم إلى التثاؤب بشكل مستمر. وقالت الدكتورة علم النفس العصبي المعرفي، جورجينا جاكسون “أظهرت نتائج هذا البحث أن الرغبة في التثاؤب تزداد كلما حاولنا إيقاف أنفسنا. وباستعمال التحفيز الكهربائي كنا قادرين على زيادة التأثر، وبذلك ترتفع الرغبة في التثاؤب المعدي”.
يذكر أن العديد من الدراسات السابقة كانت تطرقت إلى موضوع التثاؤب المعدي. وفي إحدى تلك الدراسات التي قامت بها جامعة كونيتيكت في الولايات المتحدة عام 2010، وجدت أن معظم الأطفال لا يملكون القابلية للإصابة بعدوى التثاؤب حتى عمر الأربع سنوات، وأن أطفال التوحد أقل قابلية للإصابة بعدوى التثاؤب مقارنة بالآخرين.
كما وجد الباحثون أن بعض الأشخاص يكونون أقل عرضة للتثاؤب مقارنة بغيرهم.
يذكر أنه بمعدل وسطي، يتثاءب الشخص ما بين 1 حتى 155 مرة عند مشاهدة فيلم مدته 3 دقائق يُعرَض فيه أناس يتثاءبون!لماذا
يعتبر التثاؤب المعدي شكلا شائعا من حالات الإيكوفينومينا، وهي التقليد الآلي لكلمات وحركات شخص آخر.
وتظهر كذلك الإيكوفينومينا في متلازمة توريت إضافة إلى حالات أخرى، من بينها الصرع والتوحد.
ولاختبار ماذا يحدث في الدماغ أثناء الظاهرة، أجرى العلماء تجاربهم على 36 متطوعا وهو يشاهدون آخرين يتثاءبون.
“الاستثارة”
وفي الدراسة التي نُشرت في دورية “كارنت بيولوجي” العلمية، طُلب من بعض المتطوعين التثاؤب بينما طلب من آخرين كبت رغبتهم عند الشعور به.
وكانت الرغبة في التثاؤب ضعيفة نظرا لطريقة عمل القشرة الحركية الأولية في دماغ كل شخص، وهو ما يُطلق عليه “الاستثارة”.
وباستخدام تحفيز مغناطيسي خارجي عبر الجمجمة، كان من الممكن زيادة درجة “الاستثارة” في القشرة الحركية، وبالتالي ميل المتطوعين إلى التثاؤب المعدي.
الباحثون استخدموا تحفيز مغناطيسي خارجي عبر الجمجمة في الدراسة
وقالت جورجينا جاكسون، أستاذة علم النفس العصبي التي شاركت في الدراسة، إن النتائج قد تكون لها استخدامات أوسع: “في متلازمة توريت، إذا تمكنا من الحد من الاستثارة، ربما يمكننا عندئذ الحد من التشنجات اللاإرادية، وهذا ما نعمل عليه.”
وقال ستيفن جاكسون، الذي شارك في الدراسة أيضا: “إذا استطعنا فهم كيف تؤدي التغيرات في استثارة القشرة الحركية إلى الاضطرابات العصبية حينها يمكننا تغيير تأثيرها.”
وتابع: “نحن نبحث عن وسائل علاج شخصية لا تعتمد على العقاقير، باستخدام التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، الذي قد يكون له تأثير فعال في علاج الاضطرابات في شبكات الدماغ.”
وقال الدكتور أندرو غالوب، أستاذ علم النفس في جامعة بوليتكنيك بمدينة نيويورك الأمريكية، الذي أعد بحوثا بشأن العلاقة بين التعاطف والتثاؤب، إن استخدام التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة يمثل
“نهجا جديدا” في دراسة عدوى التثاؤب.
وأضاف: “لا زلنا نعرف القليل نسبيا عن الأسباب التي تدفعنا للتثاؤب. دراسات عديدة أشارت إلى وجود رابط بين التثاؤب المعدي والتعاطف، لكن البحث الذي يدعم هذه العلاقة غير محدد وغير مترابط.”
وتابع: “النتائج الحالية تقدم مزيدا من الأدلة على أن التثاؤب المعدي قد لا تكون له صلة بعملية التعاطف.”