تأثير العقل الباطن على الحب والعلاقات العاطفية
تأثير العقل الباطن على الحب والعلاقات العاطفية
تأثير العقل الباطن على الحب والعلاقات العاطفية
إذا كنا نتحدث عن العقل الباطن وعلاقات الحب القائمة، سنجد أن دور العقل الباطن مركزي وأساسي في الحفاظ على علاقة الحب أو إنهائها، بل أن العقل الباطن يتخذ قرارات مصيرية في العلاقات العاطفية، منها مثلاً قرارات الوفاء والخيانة..
صورة العقل الباطن والحب
1-العقل الباطن والخيانة العاطفية…
العقل الباطن يكره الخيانة، لكنه أيضاً يحتاج إلى البيانات والمعلومات اللازمة التي تحدد مدى التزام الشخص بعلاقته مع الآخر، فكلما كانت العلاقة ملتزمة وعميقة وطويلة الأجل، كلما عمل العقل على تجنيبنا الوقوع في الخيانة..
أما عندما يكون الالتزام بين الشريكين ضعيفاً، فإن العقل الباطن يفسح المجال أمامنا للبحث عن خيارات أخرى بغض النظر عن الرابط القانوني مع الشريك، لأن العقل الباطن لا يقرأ عقود الزواج أو وعود العشاق، بل يقرأ المشاعر والأفكار ويعززها..
فكّر بعبارة (لا أرى أحداً سواك) هذا تماما ما يفعله العقل الباطن، حيث أن الأشخاص الأكثر التزاما في علاقاتهم العاطفية والزوجية يمتلكون قدرة لا واعية على تجاهل الشركاء الجنسيين المحتملين، حيث يقوم العقل الباطن بتعزيز صورة الشريك العاطفي من جهة، وتقليل التميز لدى أي شخص من الجنس الآخر من جهة أخرى كي لا يكون شريكا محتملا، بمعنى أن عقلنا الباطن يقوم بحماية العلاقة العاطفية الملتزمة والعميقة من خلال تقليل فرص الانتباه والانجذاب إلى المنافسين من الجنس الآخر..
2- العقل الباطن منبع الخلافات العاطفية…
سواء بين الأزواج أو بين العشاق، العقل الباطن هو مصدر الشجار غير المبرر وغير المنطقي الذي تشتهر به العلاقات العاطفية، حيث يتخذ العقل الباطن ردة فعل سريعة على الخلاف مع الشريك ليعزز قدرتنا الدفاعية، وربما تكون ردة الفعل هذه مبالغ بها ما يدفع الشجار أو الخلاف إلى حلقة مفرغة..
بكلمات أبسط، ردة فعلنا على انتقاد الشريك العاطفي والتي هي أقوى من ردة فعلنا على أي انتقاد تأتي من دافع الفرار والقتال، لأن النقد في الحب غالبا ما يخلق شعورا أنك تتعرض للرفض أو أنك غير محبوب أو حتى شعورا بتقليل الاحترام، ما يعمل على تشغيل آلياتك الدفاعية في حالة التأهب القصوى وكأنك تتعرض لهجوم من المفترسات في الغابة، وهذا ما يفعله العقل الباطن..
في الكواليس لا تأتي ردة فعل العقل الباطن بتحفيزنا على الفرار أو القتال من الفراغ، بل يبنيها اللاوعي على أساس المعتقدات والأفكار الراسخة في برنامج التشغيل الخاص بنا، والدليل على ذلك معرفتك الواعية أن انتقاد الشريك لا يشكل تهديدا يتطلب منك ردة فعل قوية، لكنك مع ذلك تقوم بردة فعل دفاعية كأنك تواجه نمرا..
ما يجعل الفتاة مثلا تشعر بالحزن والقلق إذا لم يتذكر حبيبها مناسبة مهمة مثل يوم ميلادها، هو اعتقاد راسخ ومسبق ومبرمج في العقل الباطن أن نسيان الحبيب لمثل هذا اليوم يعني قلة اهتمامه أو حتى عدم التزامه بالعلاقة، وغالبا ما يكون الواقع مغايرا لهذا الاعتقاد، وحتى مع فهم الفتاة للظروف التي أدت إلى نسيان حبيبها يوم ميلادها، يبقى شعور الحزن والقلق مسيطرا عليها، لأن فهمها الأسباب وقبولها لها تفاعل واعي، وأما شعورها بالقلق والتهديد فهو في عقلها الباطن..
3- العقل الباطن والرضا العاطفي…
في سياقٍ متصل يلعب العقل الباطن الدور الأبرز في الرضا العاطفي على مدى العلاقة وفي مراحلها المختلفة، وذلك من خلال محور أساسي هو التصور والافتراض..
فإذا اتفقنا على تعريف الرضا العاطفي أنه تلبية العلاقة العاطفية للحاجات التي دفعتك إليها أصلا، سنجد أن ما يتحكم بالرضا هو التصور المسبق للعلاقة العاطفية والافتراضات التي تتحكم بتحديد مدى تلبية الحب لهدفه، وبطبيعة الحال فمكان التصورات المسبقة والافتراضات هو العقل الباطن، العقل الباطن يقوم برسم صورة علاقة الحب التي نسعى إليها بناء على ما يعرض عليه بشكل واعٍي أو غير واعي من رغبات ومعلومات وبيانات وأمنيات..
-من أين يأتي شعورك بعدم الرضا العاطفي بعد أربع سنوات من الزواج؟!..
إنه ببساطة يأتي من الصورة التي رسمتها في عقلك الباطن للحب الأبدي المستمر بالقوة نفسها، لكن الحقيقة أن جميع العلاقات الرومانسية تتغير بعد الزواج والارتباط وبعد الإنجاب، لا تتحول لبغض أو كره لكنها تتغير بطبيعتها وتوصيفها واحتياجاتها وشكلها وعمقها وشدتها، وما يجعلك تفقد الرضا العاطفي هو تمسّك عقلك الباطن بالصورة والافتراض، وعدم قبوله للواقع..
– لماذا يصاب العاشقون بالصدمة إذا تعرضوا للخيانة، على الرغم أن الخيانة لا تسبب أذى مادي أو جسدي، ولا تهدد حياة الإنسان؟!..
لأن العقل الباطن ببساطة يمتلك صورة ثابتة عن الإخلاص، ويربط بين الرضا العاطفي والوفاء، فعندما يتعرض أحدهم للخيانة، ما يستجيب فعليا هو معتقدات العقل الباطن وتصوّره عن الوفاء والإخلاص، لذلك لا يكون ألم الخيانة واعي أو قابلا للتحليل ببساطة، وإنما يكون عميقا وثابتا وغير متاحٍ للنقاش في الفترة الأولى على الأقل، لأنه يتعارض مع برنامج العقل الباطن عن الحب والوفاء..
4- التوقعات في العقل الباطن وتأثيرها على الحب…
يشكّل العقل الباطن مجموعة مترابطة من التوقعات المحددة مسبقا في العلاقات الرومانسية، هذه المعتقدات المقيدة Limited Beliefs تدخل في صلب نظام التشغيل الخاص بنا، وتتحكم بشكل أو بآخر بتفاعلنا مع شريكنا العاطفي..
فعندما يخزن عقلك الباطن بعض التوقعات والمعتقدات غير الواعية (يجب أن يفهمني دون أن أتكلم، إن كان يحبني عليه أن يتذكر كل التفاصيل المتعلقة بي، يجب أن يحب ما أحبه ويرغب بما أرغب به إن كان يحبني فعلاً، إن كان يحبني بصدق سيبادر أولاً…….وغيرها….) تصبح هذه التصورات والمعتقدات هي التي تتحكم بمشاعرك تجاه شريكك وطبيعة العلاقة بينكما، فإذا خالف بعض توقعاتك، وهذا ما سيحصل دائما لأنه لم يصنع خصيصاً ليكون متوافقاً مع برنامج عقلك الباطن، ستجد نفسك في حالة من القلق والتوتر الذي يدفعك بطبيعة الحال لتفاعل سلبي مع الشريك..
هذا القلق ليس مصدره التفكير فقط، بل تفاعل الجسد مع الأفكار أيضا، فعندما يخالف الشريك ما تتوقعه منه أو حتى عندما تتوقع أنه قد يخالف توقعاتك، يقوم الجسد بإفراز هرمونات القلق والتوتر والخوف مثل الكورتيزول، ويؤثر بشكل كبير على مزاجك وسعادتك، وهذا ما يحدث أيضا عندما يوحي لك العقل الباطن بالنتائج مسبقا، ويجعلك تتجه نحو السلبية كلما فكر الوعي بإجراء إنقاذي إيجابي، لأنك مسبقا وضعت برنامجا سلبيا وقواعد صارمة تقيد علاقة الحب.