جعلت مواهبه كمغني ومؤلف اغاني ومنتج موسيقي من جورج مايكل واحدا من اكثر الفنانين مبيعا في العالم.
فبفضل مظهره الوسيم وصوته الغنائي الشجي، جعل ظهوره على المسرح منه واحدا من احب المغنين في الحفلات الغنائية بينما كان يتحول تدريجيا من مغن يحبه المراهقين الى نجم حقيقي.
وبعد النجاح الذي حققه مبكرا مع فريق (وام)، مضى مايكل الى بناء سيرة ناجحة كمغن منفرد جلبت له سلسلة من الجوائز وجعلت منه مليونيرا.
إعلان
ولكن كانت هناك ايضا مناسبات تظافرت فيها معركته مع المخدرات واحتكاكاته مع الشرطة في تعرضه الى هجمات من جانب الصحف هددت بالتغلب على مواهبه الموسيقية.
ولد جورج مايكل، واسمه الحقيقي جورجيوس كيرياكوس بانايوتو، شمالي لندن في الـ 25 من حزيران / يونيو من عام 1963 لأب قبرصي وام انجليزية. كان والده صاحب مطعم قدم الى المملكة المتحدة في خمسينيات القرن الماضي، بينما كانت امه راقصة انجليزية.
لم يتمتع جورج مايكل بطفولة سعيدة، وقال لاحقا إن والديه كانا منهمكان بالعمل لتحسين ظروفهما المادية بشكل لم يترك لهما اي وقت للعواطف، واضاف “لم يثنيا عليّ ابدا، ولم يحملانني قط. لم تكن طفولتي مشابهة (لمسلسل) البيت الصغير (التلفزيوني) ابدا.”
انتقل جورج مع اسرته الى مقاطعة هرتفوردشاير عندما كان مراهقا، وهناك التقى باندرو ريجلي الذي كان زميله في الدراسة في المدرسة المحلية. واكتشف الاثنان ولعهما المشترك بالموسيقى، وقاما، مع مجموعة من الاصدقاء، بتشكيل فريق موسيقي لم يعمر طويلا.
وفي عام 1981، اسس مايكل وريجلي فريق (وام!)، ولكن اول اغنية اصدراها (وكان اسمها وام راب!) فشلت في تحقيق اي انتشار يذكر ولكن اغنيتهما الثانية ( Young Guns (Go For It)) كان لها الفضل في وضع اقدامهما على اول درجات سلم الشهرة وذلك بعد ان طلب منهما في اللحظة الاخيرة اداءها في برنامج Top of the Pops الغنائي الذي كان يبثه تلفزيون بي بي سي. ووصلت الاغنية الى المرتبة الثالثة في قائمة مبيعات الاغاني في بريطانيا.
واعطى الثنائي عند بدء مسيرته نحو الشهرة انطباعا بالفوضوية والثورة، إذ كان جورج واندرو يرتديان الملابس المصنوعة من الجلد عندما كانا يؤديان اغانيهما الاولى مثل اغنية ( Bad Boys)ولكنهما انتقلا الى صورة اكثر موائمة مع عالم موسيقى البوب عندما اصدرا اغنيتهما الشهيرة ( Wake Me Up Before You Go-Go)حيث بدأا بارتداء البدلات والازياء الاكثر مماشاة مع الموضة.
وبما ان جورج مايكل كان رئيس الثنائي بلا شك، كان من المتوقع جدا – بل المرجح – ان ينفصل عن ريجلي ويختط لنفسه طريقا بمفرده. وكانت اغنية ( Careless Whisper) التي صدرت عام 1984 – رغم انها الفت بمشاركة ريجلي – تعد اول جهد منفرد لمايكل رغم صدورها تحت اسم فريق (وام!).
انفصل الاثنان نهائيا في عام 1986، وفي ربيع العام التالي اصدر جورج مايكل اغنية ( I knew You Were Waiting For Me) بالمشاركة مع المغنية الامريكية الشهيرة اريثا فرانكلين.
وفي هذا الوقت، بدأت تساوره شكوك حول توجهاته الجنسية. ففي مقابلة صحفية اجراها مع صحيفة الاندبندنت في ذلك الوقت، قال إن الكآبة التي اصيب بها بعد انفصال فريق (وام!) سببها وعيه بأنه ليس ثنائي الجنس بل مثلي.
معركة قضائية
قضى جورج مايكل معظم عام 1987 في تأليف وتسجيل اولى مجموعاته الغنائية المنفردة. وكانت هذه المجموعة، المعنونة ( Faith) صدرت في خريف ذلك العام ومضت لتتصدر قوائم المبيعات في بريطانيا والولايات المتحدة إذ بيعت منها اكثر من 25 مليون نسخة وفازت بجائزة غرامي عام 1989.
وفي عام 1988 تأكدت مكانة جورج مايكل كنجم كبير من خلال جولة عالمية قام بها احيا فيها العديد من الحفلات، ولكن السفر المستمر وملاحقة الآلاف من الفتيات المراهقات المعجبات به اصابه بالانهاك الذي زاد من نوبات الكآبة التي بدأ يعاني منها بشكل متواصل.
وعندما كان يحيي حفلا في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية في عام 1991، التقى مايكل بانسيلمو فيليبا الذي اصبح فيما بعد عشيقه، رغم ان مايكل لم يكن قد صرح بعد بأنه مثلي الجنس. ولكن علاقتهما لم يكتب لها ان تدوم، اذ مات فيليبا نتيجة نزيف في الدماغ في عام 1993.
اصدر جورج مايكل مجموعته الغنائية الثانية ( Listen Without Prejudice Vol 1) اوائل التسعينيات، وكانت المجموعة موجهة الى جمهور اكبر سنا من مجموعته الاولى. لم تحقق المجموعة الثانية نفس مستوى النجاح الذي حققته الاولى في الولايات المتحدة، ولكنها تفوقت عليها في بريطانيا.
والغي مشروع اصدار الجزء الثاني من مجموعة ( Listen Without Prejudice) وسط معركة قضائية خاضها مع شركة سوني التي كانت تصدر موسيقاه. وبعد صراع قضائي طويل ومكلف، قطع مايكل علاقته بسوني.
وفي تشرين الثاني / نوفمبر 1994، اصدر مايكل اغنية ( Jesus to a Child) المهداة الى عشيقه السابق فيليبا. وتصدرت الاغنية فور صدورها قائمة المبيعات في بريطانيا، كما ضمنها مجموعته الغنائية المسماة ( Older) التي صدرت عام 1996 بعد ان قضى سنوات ثلاث في اعدادها وتسجيلها.
الاعتراف
زخرت مجموعة ( Older) بالاغاني الحزينة والسوداوية، واحتوت على ايماءات الى توجهاته الجنسية. وغير مايكل في هذه الفترة مظهره، حيث حلق شعره الطويل ولحيته وعاد الى ارتداء الملابس الجلدية.
حققت المجموعة نجاحا كبيرا في المملكة المتحدة واوروبا، ولكنها لم تحقق نجاحا يذكر في الولايات المتحدة التي يبدو ان جمهورها كان ما زال يحن الى جورج مايكل نجم موسيقى البوب عوضا عن الفنان الاكثر جدية التي كان يطمح الى ان يصبح.
واختير مايكل كافضل مغن ذكر في مسابقة جوائز بريت اواردز، وحاز على لقب افضل مؤلف اغاني للسنة الثالثة على التوالي في مسابقة ايفور نوفيلو.
ادى وفاة والدته بمرض السرطان الى اصابته بحلقة جديدة من الكآبة، وقال لمجلة GQ إنه فكر بالانتحار ولم يثنه عن ذلك الا التشجيع الذي تلقاه من عشيقه الجديد كيني غوس.
في نيسان / ابريل عام 1998، القت الشرطة القبض عليه في مرحاض عمومي في بيفرلي هيلز في كاليفورنيا بالولايات المتحدة ووجهت اليه تهمة ممارسة عمل مناف للحياء، وحكم عليه بغرامة وبتأدية 80 ساعة من الخدمة الاجتماعية.
واقنعته تلك الحادثة بالبوح بتوجهه الجنسي وعلاقته بكيني غوس، رجل الاعمال من مدينة دالاس بولاية تكساس.
واستمر مايكل في تسجيل الاغاني، وفي عام 1999 اصدر مجموعة غنائية تحت عنوان ( Songs from the Last Century) قبل ان يقضي عامين في تأليف وتسجيل مجموعة ( Patience) التي صدرت عام 2004.
ونظر الجمهور الى المجموعة الجديدة بوصفها محاولة للعودة الى الاصل، وحققت نجاحا كبيرا وفوريا في بريطانيا كما وصلت الى الموقع 12 في قائمة المبيعات في الولايات المتحدة السوق الذي كان يبدو انه رفضه.
وبعد اصدار المجموعة الاخيرة، قال جورج مايكل لبي بي سي إنه لا يخطط لاصدار اي مجموعات غنائية جديدة للبيع، مفضلا ان يجعل اغانية متاحة لمريديه عبر الانترنت وان يطلب منهم ان يتبرعوا بالمال للجمعيات الخيرية.
ولكن حياته الخاصة ظلت تتصدر عناوين الصحف، ففي شباط / فبراير 2006 القي عليه القبض ووجهت اليه تهمة حيازة مخدرات ممنوعة، وفي تموز / يوليو من العام نفسه نشرت صحيفة (نيوز اوف ذي وورلد) خبرا مفاده انه كان يمارس الجنس في متنزه هامستيد هيث شمالي لندن.
وهدد مايكل بمقاضاة المصوريين الصحفيين بتهمة المضايقة، ولكنه اعترف بأنه كان يخرج ليلا سعيا وراء “جنس بلا علاقات.”
وفي آب / اغسطس 2010، حكم عليه القضاء بالسجن 8 اسابيع بعد ان اعترف بقيادة سيارته وهو تحت تأثير المخدرات، واطلق سراحه بعد 4 اسابيع.
وقبل ان يحيي جورج مايكل حفلا غنائيا في براغ، اعلن بأنه انفصل عن عشيقه غوس قبل سنتين بسبب ادمان الاخير على الكحول وصراعه هو مع المخدرات.
كان جورج مايكل رجلا جعلت منه موهبته نجما عالميا، ولكنه لم يكن ابدا مرتاحا بهذا الدور. واعترف مرة بأن الشخصية التي كان يعشقها الآلاف من المجبين كانت عبارة عن شخصية مختلقة كان يستخدمها على المسرح لاداء واجب معين.
كافح جورج مايكل كفاحا مريرا لكي يكون مقبولا كمؤلف ومغن جدي، ونجح في تحوير شخصيته ليكون مقبولا من جانب جمهور اكثر نضجا بينما كان ايضا يصارع الكآبة والشكوك التي كانت تساوره حول توجهه الجنسي.
ولكنه سيذكر باعتباره واحدا من اكثر فناني جيل الثمانينيات ديمومة.